أنتقل إلى عالم المجد (تنيح) فى 9 / 3 / 1971 ، و لكن ذكراه و معجزاتة ستدوم إلى الابد .
† كان نعى البابا كيرلس أكبر و أطول نعى فى تاريخ مصر ، دام ستة أشهر و يليه نعى عبد الناصر . † كان عظيماً بشهادة الجميع ، ذكر اوتو ميناردس المؤرخ الالمانى الامريكى فى كتابة " مصر المسيحية قديماً و حديثاً " : وفى 9 مارس مات البابا كيرلس السادس و هو واحد من البطاركة العظماء من بطاركة الكرسى الرسولى بالاسكندرية . † بكت القاهرة يوم وفاتة ، و تخبط علماء الارصاد الجوية فى معرفة سبب المطر الغزير الذى أنهمر على القاهرة يوم نياحة البابا كيرلس .. حيث وصفها الدكتور عبد الحميد طنطاوى رئيس هيئة الارصاد الجوية المصرية فى هذا الوقت " مفاجأة جوية " ، فهى كانت مفاجأة حقيقة .. حيث بكت القاهرة و أظلمت سمائها حزناً على رحيل البابا كيرلس السادس .. لقد كان أمينا في القليل فلا عجب أن ائتمنه الروح القدس على الكثير- ومنذ ذلك الاختيار الإلهي والبابا كيرلس هو الراهب الناسك ، المدبر باجتهاد. باباويته: تميز عهد قداسته بانتعاش الإيمان ونمو القيم الروحية ولاشك أن ذلك راجع لأن غبطته إنما وضع في قلبه أن يقدس ذاته من أجلهم (من أجل رعيته) على مثال معلمه الذي قال "لاجلهم أقدس أنا ذاتي" يو 17 : 19 . فحياته وهو الراهب مينا كانت هى وهو البابا كيرلس .في ملبسه الخشن، وشاله المعروف ، ومنديله السميك، وفي مأكله البسيط . فلم يكن يأكل سوى مرتين في اليوم الأولى في الثانية والنصف بعد الظهر والثانية التاسعة مساء، وفي الأصوام مرة واحدة بعد القداس الذي ينتهي بعد الخامسة مساء ، وفي سهره وصلواته كذلك- فكان يصحو من نومه قبل الرابعة من فجر كل يوم ليؤدى صلوات التسبحة ويقيم قداس الصباح، وبعدها يستقبل أولاده وهكذا يقضى نهار يومه في خدمة شعبه، وفي الوحدة حبيس قلايته في التأمل في الأسفار الإلهية . لا يعرف ساعة للراحة حتى يحين ميعاد صلاة العشية، فيتجه إلى الكنيسة تتبعه الجموع في حب وخشوع.
وإذا كان الراعى الصالح الوحيد هو الرب يسوع إلا أنه سار على درب الراعى الصالح للتعليم (1تى 3 : 2 ).
وكانت علاقتة قوية بالرب يسوع هو رجل الصلاة الذي أدرك ما في الصلاة من قوة فعالة فكانت سلاحه القوى الذي بواسطتها استطاع أن يتغلب على مشكلات ليس لها حلاً التي كانت تقابله. وفوق ذلك فقد حباه الله موهبة الدموع التي كانت تنهمر من مآقيه طالما كان مصلياً، وموهبة الدموع هذه لا تعطى إلا لمنسحقى القلوب. فكان يسكب نفسه انسكاباً أمام الله ويذوب في حضرته . فإذا ما كنت معه مصلياً أحسست أنك في السماء وفي شركة عميقة مع الله. وكثيراً ما كان يزور الكنائس المختلفة فجر أي يوم حيث يفاجئهم ويرى العاملين منهم والخاملين في كرم الرب فيكون هو القائد المحارب فى صفوف الخدمة يشدد الركب المرتخية . فكان معلماً صامتاً مقدماً نفسه في كل شئ قدوة، مقدماً في التعليم نقاوة ووقاراً وإخلاصاً (تى 2 : 7).
وهذه أستطاعت الحياة المقدسة والروحانية العالية التي لأبينا البار ألهبت قلوب الرعاة والرعية فساروا على دربه - وفتحت الكنائس، وأقيمت الصلوات وامتلأت البيع بالعابدين المصلين بالروح والحق . وأحب الأقباط باباهم من كل قلوبهم. وأصبح كل فرد يشعر بأنه ليس مجرد عضو من كثيرين في الكنيسة بل من خاصته وأصبحنا نرى في حضرته مريضاً يقصده لنوال نعمة الشفاء ، مكروباً وشاكيا حاله طالباً الصلاة من اجله ليخفف الرب كربه ، وحتى الأمور الخاصة كانوا يعرضونها عليه مستبشرين بما يشير به عليهم . وقد وهبه الله نعمة خاصة هي الشفافية الروحية العجيبة . فكثيراً ما كان يجيب صاحب الطلب قبل أن يحدثه عنه - ويطمئنه أو ينصحه بما يحب أن يفعله أو لا يفعله في أسلوب عادى وديع كأن لم يوجد شئ غريب - وكان يقف صاحب الطلب مبهوتاً ، مذهولاً ، شاعراً برهبة أمام رجل الله كاشف الأسرار.